المدة الزمنية 30:40

7 لماذا الدنيا بحر عميق ؟ الأردن

تم نشره في 2021/07/02

لماذا الدنيا بحر عميق؟ كتابة الفاضلة أم سيد رضا ملاحظة : هذا جزء من المحاضرة , لقراءة المحاضرة كاملة من خلال موقعنا : http://www.al-saif.net/?act=av&action=view&id=2469 في وصية الإمام موسى بن جعفر عليه السلام لهشام بن الحكم قال: (يا هشام إن لقمان قال لابنه تواضع للحق تكن أعقل الناس، يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله وحشوها الإيمان وشراعها التوكل وقيمها العقل ودليلها العلم وسكانها الصبر، يا هشام لكل شيء دليل ودليل العاقل التفكر ودليل التفكر الصمت، ولكل شيء مطية ومطية العقل التواضع وكفى بك جهلاً أن تركب ما نهيت عنه). صدق سيدنا ومولانا الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر صلوات الله وسله عليه. في سياق حديث الإمام عليه السلام ووصيته لهشام بعد أن استعرض الإمام عليه السلام بعض ما جاء في القرآن الكريم من آيات ترتبط بالعقل والتعقل وقد مر علينا الإشارة إليها، واستطردنا في ذلك أيضاً في حديث عن تعريف للعقل وما لذي يقصد به خصوصاً في مثل هذه الوصية، وعرضنا إلى قول اثنين من أعلام الإمامية (العلامة المجلسي والعلامة الطباطبائي) رضوان الله تعالى عليهما. الآن بعد أن عرض الإمام عليه السلام للعقل في آيات القرآن الكريم بدأ فيما نسميه بالرؤية الكونية للدنيا وارتباطها بالعقل، فمن المهم أن يكون للإنسان رؤية كونية بها يفلسف الدنيا ككل، ماهي هذه الدنيا؟ إلى أين تمضي؟ ما هو دورنا فيها؟ ما هو شأنها؟ كيف ينبغي أن تكون علاقتي بها؟، فهذا يمكن أن يسمى بالرؤية الكونية أو بمعرفة فلسفة الدنيا، وهذا من الأمور المهمة جداً لأننا قد نجد قسم من الناس عندهم تخصص في أدق المطالب العلمية، كأن يكون مهندساً متفوقاً يعرف قوانين الهندسة وما لذي يؤثر في استحكام البناء وما شابه ذلك بشكل دقيق ولكن عندما نأتي لكي نرى معرفته الكونية بالحياة نجدها ناقصة كما قال تعالى: ((ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا)) فقط، فبقدر ما هذا الإنسان دقيق وفاهم في تخصصه إلا أن رؤيته للكون والحياة رؤية قاصرة، فالإنسان عندما تكون رؤيته للحياة رؤية واضحة، لماذا جاء؟ وإلى أين يمضي؟ ما هو المطلوب منه؟ ما هي القيمة والثمن لحياته؟، فهذا الإنسان تكون شهادته جداً مناسبة لأن أصل الطريق عنده طريق واضح وبين، لذلك نرى تأكيد الأئمة عليهم السلام والمعصومين وقبلهم القرآن الكريم حول توضيح الدنيا. لذلك بدأ الإمام عليه السلام في قضيتين: القضية الأولى: موضوع التواضع وربطه بأن من يكون متواضعاً هو أعقل الناس، ثم أخذ من لقمان بعض ما أوصاه لابنه، فهذه الوصية هي وصية زهدية أوصى بها لقمان ابنه وغالباً نجدها في الكتب الأخلاقية الزهدية، لكن الإمام عليه السلام انتخب منها أفضل ما فيها مما يرتبط بموضوعنا، فأولاً قال: (تواضع للحق تكن أعقل الناس)، فكيف يصل الإنسان إلى العقل بل إلى أن يكون أعقل الناس؟ الجواب هو: أن الإنسان لديه عقلان، عقل الطبع وهو أصل الخلقة وأصل الفطرة، وهناك عقل اكتسابي أما من خلال العلم وأما من خلال التجربة الشخصية أو من خلال تجارب الغير، فالعلم له طرق لمعرفته وبمقدار ما يزداد الإنسان علماً يفترض أن يزداد تعقله أيضاً، إلا إذا كان العلم غير نافع، وكذلك التجربة تعطي الإنسان حكمة في الحياة أكثر، وطريق الوصول إلى كلا الأمرين هو التواضع، فإذا لم يتواضع الإنسان بأن يشعر بالإستغناء والإكتفاء فمن هنا تبدأ عنده مرحلة الجهل، كما جاء في الحديث: (لا يزال المرء عالماً ما دام متعلماً، فإذا ظن أنه قد عَلِم فقد جهل)، ونجد أنه قليل جداً أن يجلس إنسان إلى متحدث أو يقرأ كتاباً فلا ينتفع منه لأنه قد تكون فكرة واحدة على الأقل من هذا الكتاب لم يكن يعرفها، فلا يعقل أنه يعرف كل سطر من ذلك الكتاب المكون من 200 صفحة مثلاً. فحتى لو كان الإنسان عالماً فإنه قد يكون عارفاً لكل ما جاء في هذا الكتاب، لكن طريقة عرض الفكرة ليس بالضرورة أنه يعرفها وهذا يسمى تعلم في الأسلوب. كذلك أيضاً عندما نستمع إلى خطيب، فقد يكون لديه إسلوب غير الموجود عندنا أو فكرة أو كلمة جديدة وهكذا، لكن إذا شعر الإنسان بالإستغناء فإنه يستكبر وإذا استكبر لم يتواضع وحينئذ يتوقف عقله ولا يصبح أعقل الناس، فقد جاء في الحديث أيضاً: (أعلم الناس من جمع علوم الناس إلى علمه)، وهذا لا يعني بأن يفتح الإنسان نفسه على كل شيء ضار ونافع وخبيث وطيب لأنه كما قال تعالى: ((إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً))، ولكن القصد أنه عندما نعرف بأن ذلك الشخص في الإتجاه السليم فلا ينبغي أن نستكبر عليه. أحياناً قد لا يكون إحساس بالإستغناء ولكن قد يكون استكباراً على الشخص أو على الجماعة والمذهب، فذات مره كنت أراجع أحد دروس (الخارج في الأصول) موجود على الإنترنت لأحد الأعلام الأقطاب، فرأيت شخصاً يبدو أنه من المدرسة الأخرى قد كتب تعليقاً بأن هذا الكلام كله خرافات وخزعبلات مع عدم فهمه لما هو مكتوب أصلاً، فهذا الشخص مستكبر على هذه الفئة، وأحياناً يكون هذا الأمر أيضاً حتى بين أبناء مذهبنا فإنه لا يستمع لأي أحد من الطرف الآخر ولا يطلع عليه ويقول بأن هذا ضلال وباطل، نقول له هنا بأنه بالفعل يكون ضلال وباطل إذا كان منحرفاً عن آل محمد، ولكن هناك فرق بأن يأتي شخص كالسيد عبد الحسين شرف الدين رضوان الله تعالى عليه وأمثاله ويبين الخلل والخلط الموجود وبين أن يأتي إنسان لم يقرأه أصلاً فيحكم عليه مباشرة بأنه خرافات وخزعبلات، لذلك يحتاج الإنسان إلى أن يكون متواضعاً. (تواضع للحق تكن أعقل الناس، يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه عالم كثير)، نتساءل هنا بأنه لماذا شبه لقمان الدنيا بالبحر العميق؟ وقد أمضى الإمام عليه السلام هذا التشبيه مع أن لقمان لم يكن نبياً وإنما عبد صالح نور الله قلبه وبصيرته فعرف الدنيا وله نصائح ومواعظ جاء بعضها في القرآن الكريم فكلامه ليس بحجة ويحتاج إلى إمضاء، لكن استشهاد الإمام عليه السلام به هو نوع إمضاء ...

الفئة

عرض المزيد

تعليقات - 3